هل هناك يد خفية وراء الفعاليات التى نظمها عدد من الشباب الذين طالبوا علنا بضرورة إعادة إحياء تراث ولد الطائع؟ هذا فى حين أن بعض الديناصورات القديمة الذين كانوا أكثر المتضررين من سقوط نظام انقلاب 12/12، كان لديهم القوة للتخلى عن هذا النظام.
أولئك الذين يظنون أن هذا التاريخ قد نسى تماما عليهم أن يراجعوا أنفسهم وأن يتأكدوا أن هذا التاريخ ما زال محفورا فى ذاكرة قدماء المتغنين به والذين اندمجوا فى ما أعقبه من أنظمة وأحكام. لكن ليس علينا أن نذهب بعيدا، فهم ليسوا مع قائد الأمس ولكنهم تحت سلطة ذلك الذين خدم بإخلاص شديد الأب الروحي الموجود فى الخارج. لقد ذهب ولد الطائع لكن آثاره ما زالت باقية تعيش فى واقعنا وفى مناهجنا السياسية. هذه المناهج هي نفسها دون تغيير لا زالت موجودة فى كل إداراتنا. هي مستحكمة كما لو كانت قواعد ثابتة للإدارة السيئة، هذه القواعد يتم استلهامها فى السياسة من المعارضة وكذلك من الأغلبية، يقلدها أولئك الذين ناضلوا ضدها وأولئك الذين تملقوها. مضى ولد الطائع لكنه لم يغادر بأنملة الأخلاق السياسية والإدارية والمالية. أساليبه معمول بها من القمة إلى القاعدة. من أسلوب تدشين الأعمال إلى نمط الاستقبالات الرئاسية مرورا بمظاهرات التأييد إلى التعيينات. منذ أيام انشغلت موريتانيا بمظاهرة حاشدة من أجل استقبال الرئيس العائد من العلاج فى فرنسا، لكن الجميع استمر فى تخليد هذه العودة فى حين أنه لم يعد هنا. فأي شيء أكثر تقادما من أن تستقبل شخصا غائما بنفس الصورة وبنفس الحركات الموجهة إلى شخص لا نراه فى الاحتفالية، شعارات مهداة إلى شخص بعيد جدا عن المظاهرة الاحتفالية. إن الأمر لا يعدو كونه ببساطة فوضى عارمة وتبديد للأموال التى كان الفقراء أولى بها. هذا هو الفساد بعينه الذى تعودنا عليه مع ولد الطائع وهو مستمر معنا. ونحن نرى اليوم كذلك أساليب من تمجيد الرئيس التى لا فائدة منها اللهم إلا التبذير وهي لا تختلف عما كان عليه الأمر مع ولد الطائع. كل هؤلاء الذين تظاهروا واحتفلوا إنما تعلموا هذه الأساليب تحت حكم ساكن القصر السابق. وكل هذه الخطابات ضد الفساد والقوائم الطويلة من الإنجازات والمليارات التى ضخت لمحاربة الأمية والجهل والفقر والظلام، تماثل تماما الخطابات التى كنا نسمعها بالأمس. كل هذه الحجج تكفى لأن نقول إن الحنين لولد الطائع إنما تذكر لمعبودهم. لقد قرروا أن يبذلوا كل جهد من أجل إحياء ذكرى ولد الطائع. لكنهم نسوا أن ذكرى ولد الطائع الحقيقية هي الأفعال المأساوية التى ارتكبها هو وأتباعه فى حق هذا البلد.
Le rénovateur N° 1431