في موريتانيا يعيش سبعون في المائة من المواطنين ظروفا قاسية نتيجة الفقر المدقع، وحده الإيمان بقضاء الله وقدره هو عزاؤهم فيما يعانونه من الألم .ففي موريتانيا أسر تبيت علي الطوى وتظله فلا تنتظر فلسا واحدا نهاية الشهر، بل ولا حتى نهاية السنة، تكابد هذه الأسر التي تعتبر جل الشعب الموريتاني الذي كان يوما وقبل مجيئ رئيس الفقراء يتكون من ثلاث طبقات هي :
طبقة الميسورين
الطبقة الوسطي
طبقة الفقراء
ومع تولي الزعيم الهمام مقاليد الأمور في البلاد ذابت الطبقة الوسطي، إذ أثقلها فخامته بالضرائب والارتفاع غير المبرر للأسعار فاتسعت الهوة تماما بين الطبقتين الجديدتين :
طبقة الميسورين
طبقة الفقراء
إنما تعانيه طبقة الفقراء يعجز أي قلم تناوله بدء بالحصول علي المأكل والمشرب والملبس مرورا بتربية الأبناء وتدريسهم والإنفاق والقائمة تطول. وتزداد معاناة الفقير يوما بعد يوم فالمشاكل لا تنتهي أبدا وتوفير الحاجيات الضرورية أمر لابد منه.
يعاني الفقير عندما يصاب أحد الأطفال أوالزوجة بتوعك يستوجب أجراء فحوصات أو شراء أدوية.
يعاني الفقير عندما تتوقف قنينة الغاز عن العمل دون أن ينضج الطعام الذي تتحتم جاهزيته قبل رجوع الأطفال من المدرسة إذ لابد من توفير قنينة ملآي بالغاز.
يعاني الفقير عندما تصله فواتير الماء أو الكهرباء فيبذل قصارى الجهد في سبيل إيجاد ما يسدد به الفواتير قبل أن تعمد الشركات المعنية التي لا ترحم الضعفاء إلي قطع الخدمتين .
يعاني الفقير عندما يخرج أبناؤه الأربعة صباحا متجهين إلى المؤسسات التعليمية فلا بد من توفير النقل ونقود أخرى تساعد علي تناول أشياء وقت الاستراحة.
يعاني الفقير عندما يقف بأبنائه الستة في طابور وكالة السجل السكاني طالبا بطاقات تعريف أبنائه وبطاقة تعريفه الوطنية، ناهيك عن مطالبته يوما بجنسيته وجنسيات أبنائه التي يحكي أنه سيدفع مقابل كل جنسية عشرين ألف أوقية .
يعاني الفقير عندما يصل المرآب قصد السفر إلي إحدى المدن فيضطر لقطع تذكرة تتضاعف مع كل زيادة في سعر المازوت .
يعاني الفقير كل يوم عندما يطلب منه توفير مادة اللحم التي لا يمكن لمائدة كل موريتاني الاستغناء عنها .
يعاني الفقير عندما تنفد أي مادة من المواد المتناولة كالأرز أو السكر أو القمح أو الزيت أو أي مادة أخري .
يعاني الفقير عندما يقرر شراء ثوب جديد له أو لأحد الذين يعولهم .
يعاني الفقير عندما يستعد الآخرون لاستقبال عيد الفطر أوعيد الأضحى أو عند رؤية هلال رمضان .
يعاني الفقير عند إبلاغه أن أحد المعارف علي استعداد لتزويج أحد أبنائه أو إحدى بناته أو تسمية مولود .
إن هذه المعاناة تقتضي منه توفير المال الشيء الذي لا يستطيعه ،وأنى له أن يستطيع ،
وتزداد هذه المعاناة مع عدم اهتمام الحكومة بتحسين معاشه أو اعتماد برامج تساهم في التخفيف من معاناته، ويبقي الفقير معلقا يكاد يقول مع أبي القاسم الشابي :
إلي الموت يابن الحياة التعيس ************ ففي الموت صوت الحياة الرخيم
ألي الموت إن عذبتك الدهور ********* ** ففي الموت صوت الدهور الرحيم