أخصّائيون اجتماعيون مختلفون عن غيرهم
وكالة كيفة للأنباء

المركز الوطني لطب الأورام الذي فتح أبوابه بنواك شوط سنة 2009 هو المركز الطبي الوحيد المختصّ في تشخيص و معالجة مرض السرطان بموريتانيا. إلاّ أن طاقة استيعاب هذا المرفق الصّحي، و الذي يقدّم كذلك خدمة العلاج بالأشعّة، لا تتجاوز الأربعين فراشا لمجموع سبعة آلاف مريض من الذين وقع تشخيص إصابتهم بالسرطان. من حسن الحظ أن الخدمات الثمينة التي يقدّمها متطوّعون يعملون صلب جمعيّة " السيد تسّاد " تخفّف من وطأة هذا الوضع الصّعب.

زينبو منت ابراهيم هي أم لفتى صغير يدعى أحمد ولد محمد و هي تقطن بحي ترحيل 17. تسرد لنا زينبو ما تستحضره من ذكريات اليوم الأول الذي قدمت فيه لمركز طب الأورام فتقول : " عندما وصلنا إلى هنا كان أحمد في حالة ميئوس منها فقد كان يتقيأ دما كما كانت بطنه منتفخة بسبب كليتيه التي كانت كل واحدة منهما تزن كيلوغراما ونصفا بحسب ما قاله لنا الطبيب. طلبوا مني الذهاب إلى مكان آخر من أجل القيام بصور أشعة و صور بالصّدى و تحاليل للدم و من ثمّ إحضارها و العودة لتلقي العلاج. لم أكن أعرف ما يجب عليّ فعله لتدبّر الأمر و لم يكن عندي مال... فوالد أحمد الذي كان يعمل جنديا أصبح معاقا بعد تعرّضه لحادث و منذ ذلك الوقت بات بدون مورد رزق و أنا لم يعد بإمكاني العمل منذ أن أصبح ابني مريضا... من حسن الحظ أنني التقيت بالفتيات اللواتي يعملن بجمعية " السيد تسّاد " و اللّواتي رافقنني و ساعدنني على القيام بالفحوصات اللازمة و على شراء مستلزمات العلاج. إنهن تقدمن هذه المساعدات منذ ما يزيد عن الثلاث سنوات كما توجد كذلك جمعية أخرى تساعدنا في ما يتعلق بتغذية أحمد بحيث يجلبون لنا كل أسبوع البيض و الفواكه".

و يشرح المسؤول عن استقبال المرضى، أحمد سالم ولد حاج، نشاط هذه المؤسّسة الصّحية فيقول: " المركز الوطني لطب الأورام يتكفّل بنسبة 100 % من تكاليف العلاج بالأشعّة و الكشف بجهاز السكانار كما يتكفّل بنسبة 50 % من تكلفة العلاج الكيمياوي. أمّا ال50 % المتبقية و معها تكلفة التحاليل و الفحوصات و الجراحة و غيرها من وسائل العلاج الأخرى فتبقى على عاتق المريض ". و في ما يتعلّق بنشاط الجمعيّات و الشباب المتطوّعين، يضيف محدّثنا قائلا : " صحيح أن العمل التطوّعي للجمعيّات الشبابيّة من قبيل " السيد تسّاد " و " شباب إيجابيون " يساعد المرضى كثيرا و بالتالي يساعدنا نحن كذلك. فهؤلاء المتطوّعون يقدّمون للمرضى و لأسرهم المساعدة النفسيّة و الاجتماعية و الطبيّة كما يلعبون دورا هامّا في توعية الأهالي أثناء حملات الفحص التي يقومون بها هنا و داخل البلاد".

و في ما يتعلّق بجمعية الشبان المتطوّعين " السيد تسّاد "، كانت البداية عندما خطر ببال فتاة تبلغ من العمر 20 سنة أن ترسم بسمة على وجه طفل مريض يوم عيد ميلاده... تتذكّر فاطمتو منت عبداللاّهي ذلك اليوم فتحدّثنا قائلة : " عندما رأيت ذلك الولد الصّغير يشعر بالرّعب وسط غرفة يحيط به فيها كثير من المرضى الكبار في السن و الذين اشتدّ بهم السّقم، انفطر قلبي حزنا عليه و شعرت بأن من واجبي أن أفعل شيئا... قمت بإرسال نداء عاجل لصديقاتي عبر شبكات التواصل الاجتماعي و سرعان ما قمنا بإنجاز مخطّط لبناء و تجهيز غرفة خاصة بإيواء الأطفال المرضى ".

و بكلّ ثقة في النفس تتابع الفتاة الشابّة سرد تجربتها قائلة : " ثم شيئا فشيئا، و حتّى نتمكّن من الاستجابة لطلبات المساعدة الكثيرة التي انهمرت علينا، لم يكن أمامنا إلا أن ننظّم نشاطنا بشكل نستطيع معه أن نقدّم يد المساعدة لجميع من يقصدنا و هو ما يتطلب منا كثيرا من الوقت و الجاهزية و كثيرا من الإمكانيّات المادية... و هو ما يجعلنا لا نتردّد أبدا في طرق الأبواب و في طلب العون من الجميع كما أننا نحصل دوما على ما نريد ". ثم تختم فاطمتو بقولها : " جميعنا تلاميذ أو طلبة و ليس لدينا أي تكوين في المجال الطّبي و لا الاجتماعي غير أن الطواقم الطبية تساعدنا و توجّهنا أثناء قيامنا بمختلف أنشطتنا ".

جمعية " السيد تسّاد " ينخرط فيها اليوم ما يزيد عن 80 متطوّعا و تقوم أحيانا بجمع تبرّعات قد تصل قيمتها إلى الألفي يورو يوميا، تصرف في دفع ثمن علاج أحد المرضى أو في تنظيم رحلات للأطفال المرضى خلال أيام الأعياد (انظر الفيديو).

أعضاء الجمعية يؤمنون كذلك حصص تنشيط و يعتنون بصيانة قاعة الانتظار التي قاموا بتهيئتها بالإضافة إلى عنايتهم بالغرف الخمس المخصّصة للأطفال بالمستشفى.

و بحسب ما جاء في التقرير الذي نشرته منظمة الصّحة العالمية (OMS) في عام 2013 بعنوان " بيانات البلدان حول الأمراض غير المعدية "، فإن السرطان الذي طالما اعتبر في موريتانيا كمرض خاصّ بالبيض أو لا يصيب سوى الأغنياء هو داء يفتك ب 1500 موريتاني كل سنة و هذا بالإضافة إلى 2000 حالة إصابة جديدة يتم تشخيصها كلّ سنة.

و يبقى هذا المرض واحدا من الأسباب الرئيسية التي يتم بموجبها ترحيل الموريتانيين إلى خارج البلد كما يرى العديد من الأخصائيين أن قلّة الدّراية به تقف غالبا وراء البدايات المتأخرة للعلاج و هو ما يلقي بضلاله على حظوظ المرضى في الشفاء. و نظرا لكل هذه المعطيات، فإنّ البرنامج الوطني لمكافحة مرض السرطان و الذي وقع إقراره في شهر نوفمبر من سنة 2016 يركّز على الوقاية و التحسيس حول مخاطر هذا الداء و حول ضرورة التفطن إليه و علاجه بصورة مبكّرة. رحلة تمّ تنظيمها يوم عيد الأضحى من قبل الجمعية لفائدة الأطفال المرضى و عائلاتهم إلى حديقة التنوع البيولوجي في نواك شوط

ميمونة سالك/www.dune-voices.


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2017-05-09 21:25:59
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article18228.html