بسم الله الرحمن الرحيم
المحكمة الجنائية بالنعمة النعمة بتاريخ 12/ 04 / 2017
إلى:
السيد المفتش فضيلة القاضي محمد سيديا ولد محمد محمود
الموضوع: رد على أسئلة
المرجع / ورقات تتضمن أسئلة حول الملفين 120/ 2016 و131 / 2016، لتشكلة المحكمة الجنائية بولاية الحوض الشرقي.
السيد المفتش،
السلام عليكم ورحمة الله وتعالى وبركاته.
أما بعد،
فإننا نحن الموقعين أسفله رئيس ومساعدي المحكمة الجنائية بولاية الحوض الشرقي،
إنه بتاريخ: 12 – 04 – 2017 تلقى كل منا ورقة تتضمن أسئلة عن الملفين المذكورين، ونظرا لأن الورقات تحمل نفس الأسئلة، وتتعلق بقرارات صادرة عن نفس التشكلة التي كنا فيها معا، فقد ارتأينا ضم الأجوبة عليها تماشيا مع طلبات السيد المفتش والجواب عليها جوابا موحدا.
السيد المفتش،
إن صدورنا رحبة لأي استفهام أو استشكال يتعلق بعملنا القضائي، ولا نرى غضاضة في انتقاد أحكامنا أو نقاشها من أي كان، بل نرى أن ذلك هو الطريق الأسلم نحو الحقيقة المنشودة أو الإفادة المتوخاة للمتهمين، لكنه نظرا لطبيعة الأسئلة والسياق الذي وردت فيه سيكون ردنا على الأسئلة من وجهين:
أولا: من حيث الشكل:
إننا نستغرب لحد الحيرة أن تتقدم إلينا المفتشية مستعقبة أحكام المحكمة بورقة قد انتهكت فيها كل معايير الشكل، حيث لا تحمل رأسية، ولا بسملة، ولا بيانا لمهمة التفتيش، ولا أسبابها، لتبدأ باختصار مخل، بأسئلة يفترض بداهة أن تجيب عليها الأحكام، كما أن الورقة كتبت باليد على عجل، ويتعدد في صلبها المحو والكشط وغير مؤرخة، ولا تحمل طابعا رسميا.
إنه لمن دواعي الحيرة أن يصل القضاء مرحلة من التقهقر أصبح معها لا يستحق أدنى درجة من احترام الشكليات، ولا لغة الخطاب الراقي ممن يفترض فيه التقدير للقضاء والقضاة.
ومن المستغرب أن المفتش عند سؤاله شفهيا من طرف أعضاء التشكلة عن أساس مهنة التفتيش للتحقق من جدية القضية أدلى بإذن موقع من الأمين العام لوزارة العدل محرر باللغة الفرنسية بمهمة خاصة إلى النعمة دون تحديد أسبابها وغاياتها.
ثانيا: أن القضاة لا يمكن أن يطال التفتيش أصل قراراتهم، ولا أساس قناعتهم، ولا يمكن مناقشتهم في ذلك، وهو عين الاستقلالية المحمية بالدستور والقوانين، وكان على المفتشية قبل أن تتعقب أحكام المحكمة أن تراجع المرسوم المنظم لعملها، حيث تنص المادة: 10 من المرسوم: 034 – 2006 في فقرتها الأخيرة، أنه عندما تكون الاستفسارات مطلوبة، فإن الأسئلة الموجهة إليه لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون حول أصل القرارات أو الأحكام المتخذة.
ويتضح أن المشرع في هذا النص الخاص كان على بصيرة من أمره، حين راعى مبدأ فصل السلطات، واستقلالية القضاء، حيث نص في المادة: 89 من الدستور، على أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية، والتنفيذية، والمادة: 90 أنه “لا يخضع القاضي إلا للقانون، وهو محمي في إطار مهمته من كل أشكال الضغط التي تمس نزاهة حكمه”، ولم يترك يد المفتش تجول لتأخذ من اختصاصات المحاكم الأعلى لتشوش على قناعة القضاة وتمعن في تجاوز السلطة.
ثانيا: من حيث موضوع الورقة:
تضمنت الورقة الأسئلة التالية، وهي بنصها الكامل:
“أولا: بالنسبة للملفين:
ما هو وجه التفريق بين الملفين بحيث تم وقف التنفيذ في العقوبات بها، على جميع المدانين في الملف: 120 – 16، وفي نفس الوقت بعقوبات نافذة على جميع المدانين في الملف: 131 – 16؟
إذا كان أصل النزاع بين المجموعتين والتهمة هي نفسها، هي “الضرب والجرح العمد”، فما المانع من ضم الملفين في رأيكم؟
ثانيا: بالنسبة للملف: 120 – 16:
ما وجه التسوية بين المهاجمين والمدافعين ومن حرضوا على التواجد في عين المكان ومن جاؤوا عفويا؟
ثالثا: بالنسبة للملف: 131 – 16:
لماذا لم تستمع المحكمة لأي شاهد رغم أهمية الشاهدات العلنية؟
ما دامت المحكمة اعتمدت الشهادات أمام التحقيق والضبطية القضائية، فلماذا لم تعرج على تزكية الشهود؟ ولم تبحث عن موانع الشهادة؟
المفتش: محمد سيديا ولد محمد محمود”.
إننا بعد قراءة الأسئلة أعلاه، تبين لنا أنها تتعلق في مجملها بأصل الأحكام، وتتدخل في قناعة المحكمة، وسر المداولات، حيث تم توجيهها لكل عضو بمفرده، ومفاد ذلك أن المفتش يريد من ورائها أن يصل لقناعة كل عضو على حدة، ومن ثم تنهدم القناعة الجمعوية التي تعتبر سند الحكم، وعليه فإننا نمتنع عن الجواب عليها بالصيغة الاستفزازية التي قدمت بها، ونحيله للأحكام والملفات.
السيد المفتش:
لا يسعنا ونحن في نهاية الرد إلا أن نختم بهذه الملاحظات:
أن الأسئلة التي تقدمتم بها تجسد انتهاكا للدستور والقوانين، وخروجا صارخا عن مهام المفتشية المحددة بالمادة: 05 من المرسوم المنظم لعمل المفتشية، حيث تقتصر المهام على سير المرفق عموما، ومردودية وسلوكيات القاضي، والعاملين في قطاع العدل.
إن إجراء التفتيش شكل في شكله، وسياقه، قلبا للمعادلة، بمنح الثقة في القبائل والجماعات، وإعادة تحكم وهيمنة مفهوم العدالة الخاصة، واتباع مرضاة الأطراف بازدراء القضاة وخرق القوانين، والقضاء على دولة القانون.
إن هذا الإجراء، وما سبقه من إجراءات يشكل إساءة خالدة في سجل ذكريات إهانة القضاة، وسيخلف بالفعل جرحا لا يندمل، وخدشا لهيبة القضاء والقضاة، وجرحا سيبقى أثره، ويمتد نزيفه ما لم يتدارك الموقف، وترجع الأمور إلى نصابها.
إننا قد أصدرنا تلك الأحكام موضوع أسئلة المفتش بقناعة راسخة، استنادا على الأدلة المتساندة، ونتحمل ما يترتب على ذلك، وحسبنا أننا بذلنا جهدنا دون تمييز بين القضيتين، وباقي القضايا التي كانت مبرمجة في الدورة، من سرقات، وجرائم أخرى، من حيث الأدلة وتشكل القناعة.
والله الموقف.
الإمضاء:
– التاه ولد سيد محمد.
– محمد محمود ولد أحمد.
– أحمد بزيد ولد محمد الناجي.