كثر الحديث خلال الآونة الأخيرة عن احتدام الصراع بين الوزير الأول مولاي ولد محمد الاغظف ومدير ديوان الرئيس اسلكو ولد احمد أزيد بيه، من اجل النفوذ، كما يقول متابعون للشأن العمومي.
ورغم أن الوزير الأول هو الشخصية الاولى في
الحكومة والمسؤول عن تنفيذ برامجها أمام رئيس الجمهورية الذي عينه في المنصب، الا ان مدير الديوان بدا يضايقه بعد ان قرر مستشار الرئيس للشؤون الادارية الاستاذ عالي ولد احمد سالم ولد اجديدو الانحياز لولد محمد الاغظف ضد ولد احمد أزيد بيه في اطار تصفية حسابات داخل أسوار القصر طفت على السطح منذ أسابيع.
الغريب في الأمر إن وجود رجلين من نفس الولاية في منصبي رئاسة الحكومة وإدارة ديوان الرئيس كان سابقة في تاريخ البلاد، رغم أنهما ينتميان إلى أقليات بتلك الولاية التي هي ولاية الحوض الشرقي.
التسريبات التي تحصلت عليها السفير تفيد بان الوزير الأول فتح منزله لأول مرة، في شهر رمضان الأخير، إمام بعض الفاعلين السياسيين، مؤكدا إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز كلفه بولايات الحوضين ولعصابه.
ويبقى الرأي العام حائرا في تفسير صراع بين اثنين من مقربي الرئيس، في حين يذهب محللون إلى إن كلا منهما يرى ميزان القوى وقد مال لصالحه.. فالوزير الأول يعتبر صديقا شخصيا للرئيس وتمتد جذور علاقتهما إلى ما قبل تسلم ولد عبد العزيز للسلطة، حيث كانت شركة ولد محمد الاغظف تحفر آبارا لصالح قطعان الإبل المملوكة للرئيس.
وكان ولد عبد العزيز قد فاجأ نوابا من الأغلبية اقترحوا تعيين ولد محمد الاغظف رئيساً للحزب الحاكم الوليد عندما تعرفوا عليه سفيرا في بروكسيل اثناء رحلتهم لتسويق الانقلاب على ولد الشيخ عبد الله، فاجأهم بتعيينه وزيرا اول.
إما مدير الديوان فيستمد قوته من كونه مدعوما من قبل كل من رجل الإعمال احمد سالك ولد أبوه ورئيس الجمعية الوطنية مسعود ولد بلخير، وكان مسعود وراء تعيينه رئيساً لجامعة نواكشوط خلال فترة حكم الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله.
ويرى ولد احمد أزيد بيه إن ثقة الرئيس فيه لن تتزعزع بعد إن أدار ملف الجامعة بصورة أرضت الرئيس، وذلك من خلال خلق صراعات في الساحة الجامعية منعت مشاركة الطلاب في حراك شباب 25 فبراير، لتتم مكافأته بالتعيين مديرا لديوان الرئيس؛ كما تقول نقابات طلابية.
ويرى البعض أن نفوذ مدير الديوان بدا يتعاظم حيث قيل انه أصبح يضايق وزراء الحكومة المحسوبين على الوزير الاول.
ويتهم البعض مولاي ولد محمد الاغظف بأنه كلما بدأت أنظار الرأي العام تمتد إلى الإخبار التي تتحدث عن تشكيل حكومة جديدة، أو صدحت حناجره بالمطالبة بإقالة الحكومة الحالية، كلما سعى وحلفاءه إلى خلق صراعات جديدة لشغل الرأي العام عن كل ذلك، وعن المشاكل الاقتصادية التي تعصف بكيان الأسر ومستقبل الإفراد.
وبالفعل بدأ الوزير الأول في إدارة اجتماعات تقليدية في ولاية لعصابه حيث أبلغت مصادر محلية السفير بان ولد محمد الاغظف تعهد للخليل ولد الطيب، الوجه الناصري المعروف، ومحمد الامين السالم ولد الداه، وزير داخلية ولد الطائع وسفيره في الدوحة، بترشيح الأول على رأس اللائحة الوطنية لحزب الاتحاد الحاكم، والثاني نائبا في مقاطعة كرو.
غير أن كل تلك الصراعات لم تفلح في لفت نظر الرئيس عن فشل حكومته في تطبيق البرامج الموكلة إليها خاصة تلك المتعلقة بتحسين ظروف المواطنين ومكافحة الفقر، وهو ما يمكن أن يلمس جيدا من خلال إحجام ولد عبد العزيز عن الإشارة إلى إنجازات الحكومة خلال حديثه في برنامج "لقاء الشعب" الأخير في مدينة إطار، مكتفيا بالقول إن هنالك مداخيل كبيرة من المعادن والسمك والضرائب.
فهل سيقف الرئيس متفرجا أمام صراع متنفذين من البطانة التي تحيط به دون أن يحرك ساكنا حتى يبقي الانسجام سيد الموقف داخل أروقة حكمه؟ أم أن ذلك الصراع مفتعل ويتم بمباركة ورعاية سامية منه لحاجة في نفس يعقوب؟
وهل أن المرحلة الحالية باتت مرحلة صراع بين المتنفذين المدنيين بعد أن انحسرت الصراعات بين القادة العسكريين؟
السفير