خطري آدُّوهْ سياسي صحراوي؛ التحق بجبهة البوليساريو في بواكير شبابه 1975 فعمل صحفيا بإذاعة الجبهة، ثم تدرج في هياكلها فشغل عدة مناصب منها قائد ناحية (والي) ثم أمين عام وزارة فوزير، ثم أصبح رئيسا للبرلمان الصحراوي 2012، فرئيسا مؤقتا للجمهورية الصحراوية إثر وفاة الأمين العام للجبهة محمد عبد العزيز يوم 31 مايو/أيار 2016.
المولد والنشأة
ولد خطري آدُّوهْ أواسط خمسينيات القرن العشرين في منطقة الساقية الحمراء بالصحراء الغربية لأسرةٍ من قبيلة "تنواجيو"، وهي قبيلةٌ يرجع نسبها إلى السادة الأدارسة العلويين وتُوجد أهم مضاربها في جنوب شرقي موريتانيا.
ويُمكن فهم مولد خطري بعيدا عن موطن قبيلته لكون والده تلميذا للشيخ الصوفي ماء العينين ولد الشيخ محمد فاضل الذي استوطن الصحراء الغربية في آخر حياته، كما يمكن تفسيره بكون والدته تنحدر من قبيلة "الرقيبات"، وهي واحدة من كبريات قبائل "وادي الذهب". وربما تُفسر هذه الخؤولة المسار السياسي المشهود للرجل في سياق اجتماعي تُشكل شجرة النسب أهم مرتكزاته الأيديولوجية.
الدراسة والتكوين
تلقى خطري تعليما تقليديا في بيت الأسرة ثم التحق بالمدرسة الابتدائية والثانوية في مدينة العيون. ويقول أصدقاؤه الذين جمعتهم به قاعات الدرس في تلك المرحلة إنّه كان "نبيها وليّن الطباع".
ومع بلوغه المرحلة الثانوية، كان إقليم الصحراء الغربية قد دخل مرحلة النضال السياسي المسلح ضد الاحتلال الإسباني، فانفتحت عيناه على "انتفاضة الزملة" (حي سكني في العيون) وما تخللها من قمع دموي واجهت به الإدارة الاستعمارية الإسبانية المتظاهرين الصحراويين المنادين بالحرية والاستقلال.
التوجه الفكري
كان عقد السبعينيات من القرن العشرين عقد أيديولوجيا اليسار الثورية، ولذلك تأثر بها شباب الإقليم الصحراوي على غرار أقرانهم في الجوار المباشر سواء في موريتانيا أو المغرب، أما الجزائر فكانت رسميا يسارية الهوى. ومن هنا تشبع خطري بأفكار اليسار المتمردة على كل شيء رغم نشأته في وسطٍ متصوف محافظ.
التجربة السياسية
كان التحول اليساري على حساب المسار التعليمي لخطري فتوقفت دراسته بشكل كامل تقريبا بعد مغادرته العيون إلى مخيمات تندوف ولحمادة في إطارِ ما عُرف في أدبيات تلك المرحلة بـ"الانطلاقة"، وهي رحلات نزوح جماعية للسكان من حواضر الصحراء وجهة منطقة تندوف استمرت من نوفمبر/تشرين الثاني 1975 إلى ربيع 1976، وشكل القادمون فيها الجيل الأول الحامل لهم قضية الصحراء الغربية والنواة الصلبة للبوليساريو وجيشها.
ولدى التحاقه بجبهة البوليساريو عام 1975، عمل خطري في إذاعة البوليساريو، ويُرجع أصدقاء طفولته ذلك الاختيار إلى مستواه الممتاز في اللغة العربية، وقد كانت الإذاعة يومها أهم مؤسسة بين مؤسسات جبهة البوليساريو -إن لم تكن الوحيدة- وذراعها الدعائية وصوتها المخاطب للعالم.
عمل آنذاك إلى جانب أهم النخب الفكرية للجبهة مثل الراحل أحمد بابا مسكه وعبد الله ولد أبوه (البرزاني) ومحمد عالي العظمي (عمر الحضرمي)، وكانوا مكلفين بصوغِ وتطويرِ وتسويق الخطاب الأيديولوجي للجبهة، لا سيما في عمقها الاجتماعي (مجتمع البيظان) المناوئ بطبيعته المحافظة لليسار.
ظل خطري يُمارس عمله موظفا بسيطا في الإذاعة، ثم عضوا نشطا في الفرقة الموسيقية الوطنية المكلفة بإنشاء وتلحين وتسويق الأغاني الثورية الموجهة للتعبئة في المخيمات، وكذلك في مناطق إقليم الصحراء الغربية الخاضعة للمغرب وموريتانيا بموجب اتفاقية مدريد الموقعة بين البلدين وإسبانيا.
شهد مساره السياسي تحولا جذريا في عام 1988، ففي تلك السنة اندلعت اضطرابات شديدة في مخيمات اللاجئين الصحراويين عُرفت في الأدبيات المحلية بــ"ثورة سلام" نسبة إلى قبيلة "سلام" التي كان أغلب المشاركين في الاحتجاجات ينحدرون منها. بل وذهب البعض إلى وصف ما حدث بأنه "ثورة سلام على حكم الرقيباتْ" رغم أن "سلام" جزءٌ لا يتجزأ من "الرقيبات" من حيث النسب.
نشط خطري في تلك الاضطرابات وتعرض للاعتقال والتعذيب مع بعض أقرانه مثل عمر الحضرمي وعبد القادر الطالب عمر، وانتهت تلك الأحداث بمغادرة بعض أطر الحركة المخيمات إلى موريتانيا أو المغرب، وقد تقوَّت هذه النزعة مع إطلاق الملك المغربي السابق الحسن الثاني نداءَ "إن الوطن غفور رحيم"، مع إرهاصات توقيع اتفاق وقف إطلاق النار 1991 إثر تفاوض بشأنه بدأ منتصف الثمانينيات.
إثر أحداث 1988، اختيرَ خطري ضمن من رأت الجبهة جدوى في ضمهم فسُمَّي رئيس ناحية السمارة، وهي واحدة من أهم الوحدات الإدارية والعسكرية في الهيكلة الإدارية والعسكرية لبوليساريو.
وفي أواسط التسعينيات عُين خطري أمينا عاما لوزارة ثم وزيرا، كما انتُخب لاحقا عضوا في المجلس الوطني (البرلمان)، وأصبح رئيسه في 2012 خلفا للقيادي البارز المحفوظ ولد أعل بيبه الذي توفي صيف 2010.
وبناءً على ذلك، أُسندت إليه مهمة قيادة المفاوضات مع المغرب التي كان يتولاها بيبه، فقاد وفد الجبهة إلى مفاوضات منهاست في أميركا بشقيها الرسمي وغير الرسمي. وقد اتهمه الجانب المغربي بالتصلب في مواقفه معتبرا ذلك دليلا على "محدودية خبرته وارتهانه للتعليمات وانعدام هوامش المناورة الممنوحة له من قبل قيادة الجبهة، عكس سلفه بيبه الذي كان ممسكا بالملف عن دراية وبصلاحياتٍ واسعة".
أُعيد انتخاب خطري رئيسا للبرلمان الصحراوي في 2016 مما أهله لخلافة الأمين العام محمد عبد العزيز إثر وفاته يوم 31 مايو/أيار 2016، فصار رئيسا مؤقتا للجمهورية العربية الصحراوية إلى حين اختيار رئيس