كنت قد كتبت مقالا في الأسابيع الماضية بعنوان: الذهب: عندما يخرج المارد من القمقم!! حاولت فيها أن أشخص النهب الممنهج لخيرات هذه البلاد من المعادن النفيسة وغياب الدولة عن تلك الأماكن المهمة...
وماتعيشه موريتانيا هذه الأيام من أخبار التنقيب والبحث عن الذهب وكنت أظن أن الكثير من الأخبار التى نسمعها انما هي شائعات ليس إلا...
وأن الشائعة عادة ثقافية متداولة لدى فئات عريضة من الشعب الموريتاني, يجد فيها البعض التأثير على الأحداث في مجتمع يهتم كثيرا بالقيل والقال..
إلا انه وبعد معاينة الكثير من هذه الأخبار التى تختلط فيها الشائعة بالخبر اليقين تبين لي أن فيها الصحيح وفيها ما دون ذالك وأن كثرة رجوع الناس الى مكان الذهب وتكلفهم للمصاريف الهائلة وتحملهم عناء السفر والحر الشديد انما يدل على أن هناك شيء يستحق التضحية...
ومن هنا نجد أن الشائعة ليست دائما سلبية لما حققته هذه المرة من نتائج ايجابية للدولة خاصة وللمواطنين عامة:
فقد بلغت مداخيل مستلزمات التنقيب عن الذهب المليارات..وازدهرت الأسواق حتى تلك التي كانت راكدة وتنتظر الحملات الانتخابية كل أربع أو خمس سنوات...ناهيك عن زيادة مخزون البنك المركزي من العملات الصعبة مما سينعكس على قوة العملة الموريتانية الأوقية
كما رجع المواطنين من جميع أنحاء العالم فما كانوا يبحثون عنه في تلك الدول أصبح في بلدهم وفي متناول ايديهم...
وهذا لايخلو من مخاطر كظهور تجار المخدرات وتبيض الأموال وسرقة المال العام بعد ان قزموا نسبيا...اذ لم يعد هناك مراقبة للثراء السريع في ظل أموال الذهب.!!
لكن الذهب ليس بالجديد على تلك المنطقة فقد قالوا لنا الأوائل من السكان الأصليين بأن السواح والبعثات الغربية كانت تأتي الى هناك للتنقيب وأخذ كميات كبيرة من الذهب الخالص وفي الروايات الشعبية السائدة هناك( أن الذهب تسكنه الجن وأن من أخذ منه شيئا ستلاحقه الجن في المال والولد) وربما تكون هذه الاسطورة قد حرمت مئات العائلات التى تعيش تحت خط الفقر من مال كثير وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على الجهل والتخلف...
لذا يجب على الدولة أن تعطي امتيازات خاصة لساكنة تلك المنطقة الغنية بالذهب والنحاس كما هو معروف في العالم والتى تتعرض هي وماشيتها لأمراض خطيرة جراء استخدام شركات التنقيب للمواد سامة...
وعلى المنتخبون أن يطالبوا بهذه الحقوق لا أن ينافسوا الشباب في التنقيب للحصول على الذهب ؟!
صحيح أن مافي الأرض وماعليها ملك للدولة الموريتانية ولكن هناك امتيازات ومحفزات تمنحها الدول للسكان المناطق المتضررة..
فهل تستجيب الدولة لهذه المطالب وتمنح ساكنة اينشيري امتيازات خاصة تسد بها حاجتها وترمم بنايتها وتعوضها عن سنوات الخرافة والتقصير في حقها؟!
أم أنها ستتركها على فقرها ومرضها رغم خيراتها التى أصبحت تستغل رغما عنها!!