يعتبر التعديل الدستوري ضرورة قانونية وسياسية في جميع الأنظمة الدستورية ، ذلك أن الدستور هو القانون الأساسي في الدولة يقبل التعديل في كل وقت ، أما من الناحية السياسية فإن الدستور يقوم بوضع القواعد الأساسية للدولة وفقا لأوضاعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وقت صدوره فلابد من إيجاد تنظيم لوسائل سلمية شرعية لتعديل القواعد الدستورية حتى لا تؤدي الحاجة والضرورة إلى تعديلها بطريق مصحوب بالعنف أو حصول تباعد وتنافر بين النصوص الدستورية والواقع السياسي في الدولة .
ومن خلال ما تقدم ما هو تعريف تعديل الدستور؟ وما هي آلية تعديله حسب دستور 20 يوليو 1991م؟
يمكن تعريف تعديل الدستور ، بأنه تغيير جزئي لأحكامه سواء بإلغاء البعض منها أو بإضافة أحكام جديدة ، وبناء على ذلك يتبين أن التعديل يختلف عن الوضع الذي يعني إنشاء دستور جديد كما يختلف عن الإلغاء أو الإنهاء الكلي الذي يعدم الدستور بصفة عامة.
فالتعديل إجراء يفرض نفسه في بعض الأحيان لأن الدستور وإن كان قانونا ساميا فهذا لا يعني أنه خالد ثابت لا يتغير بل إن المستجدات وتغير وتطور الظروف المحيطة بالمجتمع يقتضي تعديل الدستور من أجل تكيفه وملائمته مع المستجدات حتى يكون فعالا ولا يتأتى ذلك إلا بتضمينها نصوصا تسمح بمراجعتها من حين لآخر لأن الجمود المطلق قد يؤدي إلى محاولة تغييرها بالعنف.
ويشترط أن يتم التعديل وفق إجراءات خاصة ومحددة مسبقا في الدستور نفسه كما هو الحال في دستور 20 يوليو 1991 الذي تم تعديله في 25 يونيو 2006 في مادته 99 (جديدة) وتنص هذه المادة: يمتلك كل من رئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان مبادرة مراجعة الدستور.لا يناقش أي مشروع مراجعة مقدم من طرف البرلمانيين إلا إذا وقعه على الأقل ثلث أعضاء الغرفتين (1/3) .
لا يصادق على مشروع مراجعة إلا إذا صوت عليه ثلثا (2/3) أعضاء الجمعية الوطنية و 2/3 أعضاء مجلس الشيوخ ليتسنى تقديمه للاستفتاء.
إن الميزة الأساسية للنصوص الدستورية هو سمو قواعدها مقارنة مع باقي النصوص القانونية ، الأمر الذي يفرض ضرورة مسايرة النصوص الأدنى لها من حيث المضمون كما أن النتيجة الثانية هي تميز النصوص الدستورية بنوع من الثبات إلا أن ذلك لا يعني جمودها المطلق وعدم قابليتها للتعديل لأن القول بعكس ذلك مرفوض لاعتبارين ، الأول سياسي ومفاده أن قواعد الدستور هي مرآة عاكسة لمجموع الظروف السياسية والاقتصادية التي تعرفها الدولة ، لذلك لابد أن يتم تعديل الدستور حتى يساير التطور الذي يصيب تلك الظروف والقول بعدم تعديلها يؤدي إلى نشوب صدامات لا قدر الله ،
أما الاعتبار الثاني فهو قانوني حيث أن فكرة الجمود المطلق للدساتير بصفة عامة لا يتماشي وفكرة السيادة التي تكون ملكا للشعب فعندما يقرر صاحب السيادة الجمود المطلق لدستوره فمعنى ذلك أنه تنازل عن حقه في ممارسة التعديل.
أما الإقرار النهائي فيتم عن طريق عرض التعديل على الاستفتاء الشعبي حسب المادة 100 لدستور 20/يوليو/1991 التي تنص على ما يلي: تعتبر مراجعة الدستور نهائية إذا نالت الأغلبية البسيطة من الأصوات المعبر عنها في الاستفتاء.
ومن هذا المنطلق يجب أن تعطى تلك الفرصة لتلك الشريحة العريضة من الشعب الموريتاني المناصرة والمقتنعة بما حققه الرئيس محمد ولد عبد العزيز لمنحه مأمورية ثالثة وذلك عبر طرح هذه القضية للاستفتاء.