إلى حد الساعة يظل الجدل حول تعديل بعض مواد الدستور الوطني، جدلا سياسيا يعكس وجهات نظر السياسيين من الموالاة والمعارضة.. لكنه في العمق، مؤشر على مرحلة جديدة غير معلومة النتائج. و أيا كانت الآراء والمواقف للأطراف السياسية في البلد، فإن الرسائل والإشارات التي عبر عنها وزراء من النظام في هذا الأسبوع، تشير إلى أن الأغلبية قد حسمت أمرها حيال التجديد حتى لا أقول التمديد للرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز.
غير أن السؤال الأهم هو: هل تم ذلك برضى الرئيس؟ وهل هذه الخطوة مدروسة سياسيا وقانونيا لدرء أي ارتدادات سلبية قد تحدث في هذه الظروف الصعبة من حياة البلد؟ الإنقسام الناشئ حول "تعديل الدستور" لا ينبغي أن يكون الرهان فيه على الرئيس ولا على السلطة، لأن الديمقراطية أصلا تعني المشاركة السياسية، وبالتالي في المسائل المتعلقة بالدستور، يظل الإجماع السياسي والشعبي مهما لحسم أي خلاف حول تعديل الدستور.
و لأن الخلاف السياسي، يعبر عن نفسه، من خلال معارضة مٌعطّلة ونظام أغلبية مستحوذة.. فإن التلويح بالتجديد للرئيس، قبل الحوار مع المعارضة، رسالة غير موفقة في وقتها وغير مطمئنة على المسار السياسي في البلاد. أقول ذلك من باب النصيحة للرئيس ولد عبد العزيز، مؤكدا أن هناك "تيار" داخل النظام يتربص به و يعمل جاهدا على تعميق الهوة بين النظام والشعب.
إن من بين من يعترض اليوم على تعديل الدستور، من يدعمه لأسباب إيديولوجية، ففي تركيا التي يتربع على رأسها أردوغان، ما زال الرئيس التركي مصمم على تعديل بعض مواد الدستور رغم معارضة نواب البرلمان وعجز حزبه الحاكم عن الحصول على الأغلبية في البرلمان.
وهو يتطلع من خلال ذلك إلى أن يمنحه الدستور المُعدّل سلطات أوسع لا يتمتع بها في الوقت الراهن.. ما يعكس أن القرار السياسي، إذا لم يحصن بالقانون والإجماع الشعبي يظل قرار مسلوب الإرادة والحياة
. س. ابنيجاره (تدوينة)