لماذا نجحت المعارضة بكيفه في استقطاب الآلاف لمهرجانها؟
وكالة كيفة للأنباء

استطاعت أحزاب المعارضة المنتظمة فيما يعرف بمنتدى الديمقراطية والوحدة مساء يوم أول أمس ودون جهد يذكر تنظيم مهرجان حاشد بأكبر ساحة عمومية وسط مدينة كيفه، وقد جرى ذلك في نفس الوقت مع تقارب المكان مع مهرجان مواز لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية مدعوم بوزير المياه الذي قضى أكثر من 35 ساعة وهو يتحرك في كل اتجاه من أجل التعبئة لهذا المهرجان محاطا بالسلطات الإدارية والأمنية ورؤساء المصالح الجهوية ورجال أعمال المدينة.

وقد تفاجأ المراقبون بحجم مهرجان المنتدى الذي ضاعف ثلاث مرات عدد الحاضرين لمهرجان "الاتحاد" وشكل صدمة قوية للإدارة والوجهاء وأطر الحزب؛ الذين راهنوا على فشله لما بذلوا من جهود مضنية وظفوا فيها مختلف أساليب الترغيب والترهيب.

وكان من اللافت ظهور مهرجان المعارضة بثوب شعبي بامتياز غلب فيه حضور الشباب والنساء وسكان الأحياء الهامشية عكس الحزب الحاكم الذي كان أغلب الحاضرين لتظاهرته هم من الأطر والوجهاء والموظفين السامين .

لقد انطلقت فور إسدال الستار على فعاليات المهرجانيين العديد من الأسئلة على ألسنة المهتمين والمواطنين العاديين تركزت في الأساس على سر "هزيمة" مهرجان الحزب الحاكم على يد حشد المعارضة وهي التي تعتمد في مدينة كيفه على أحزاب ضعيفة وعديمة الحيلة تواجه وحدها "حزب السلطة" الذي استنفر كل إمكانيات الدولة المادية والبشرية والسلطوية مستنجدا بأطر مقاطعتي كنكوصه وكرو الذين هرعوا إلى المكان مقدمين المدد لزملائهم في كيفه. !

المتتبعون للشأن المحلي هنا يعتقدون أن ثلاثة عوامل كانت سببا في نجاح المعارضة في استقطاب الآلاف من سكان مدينة كيفه لمهرجانها:

أولها الشعور المتزايد بالمرارة والإحساس بوطأة الحياة جراء الغلاء وارتفاع أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية وتدني المداخيل وسوء الأحوال المعيشة في غياب شبه كامل لتدخلات الدولة.

ينضاف إلى ذلك جحيم العطش الذي تكتوي بناره المدينة منذ أزيد من سنتين وترهل الخدمات العمومية بدء بالتعليم مرورا بالصحة والكهرباء وصولا إلى تراجع حوانيت أمل وتدخلات صناديق القرض، الشيء الذي أفضى إلى ركود مطبق شل بصورة تامة كافة القطاعات بالولاية.

وهو الواقع الذي بات الناس هنا يستشعرون خطره ويولد في نفوسهم الكثير من القلق والخوف من المستقبل، الأمر الذي لم يعد معه المواطنون يصدقون ما تردده السلطة وأصبحوا أكثر من أي وقت مضى على وعي تام بحجم الخدعة التي راحوا ضحيتها خلال السنوات الماضية، وهم اليوم يتعلقون بأي وميض مهما صغر أملا في التخلص من الواقع المزري الذي يحمل المواطنون مسؤولية تفاقمه لمنتخبيهم وأطرهم بحكم تخاذلهم عن مناصرة الجماهير والدفع بهمومها وقضاياها واستمرارهم في الرقص في جوقة التهويل بعيدا عن ملامسة آلام مواطنيهم ؛ فكانت الاستجابة لدعوة المعارضة بمثابة عقاب استغله في حقهم المواطن في اللحظة المناسبة.

لقد تحرك الناس بشكل عفوي إلى تلك الساحة للتعبير عن الغضب وتوجيه رسالة قوية مفادها أنهم لن يستمروا في تصديق الأكاذيب وأنهم واعون بما يجري.

وأما ثاني الأسباب فيعود إلى التذمر الحاصل لدى جميع سكان ولاية لعصابه من تعامل السلطات العليا بالبلاد التي يعتبرون أنها تتعمد تهميش هذه الولاية في كافة الميادين سواء تلعق الأمر بالمرافق الخدمية والمشاريع التنموية وفيما يتعلق بالتعيينات في الحكومة وفي المناصب العليا وهو الانطباع الذي يلازم كل مواطن هنا وقد عبر عنه متدخلون مساندون للنظام أمام وزير المياه بطريقة قوية وجريئة خرجت عن أدبيات الطاعة المعهودة للحكومة.

أما ثالث الأسباب فهو لاشك وجود قواعد ثابتة وصلبة لحزبي قوى التقدم وتواصل بالمدينة فالنسبة للأول فهو يتمتع بمصداقية وسمعة طيبة بالولاية وله علاقات تاريخية حسنة بأطراف مختلفة من الطيف الاجتماعي.

في الوقت الذي يتميز فيه حزب تواصل بالعمل الدؤوب والحيوية فضلا عما يسديه من معروف عبر منظمات خيرية قدمت الكثير من الدعم والمؤازرة لساكنة المدينة وهي عوامل سهلت مجتمعة مهمة الحزبين في استقطاب هذا الجمهور المترنح الباحث عن حياة أفضل وعن أي بارقة مهما كانت تافهة في نهاية النفق.

إن هذا المهرجان يعد تدشينا لعهد جديد يتحرر فيه المواطن من ربقة الوجهاء والأطر وكابوس الخوف من السلطة ورسلها وهو ما سيدفع الطبقة المستحكمة في الجماهير لعقود هنا إلى إعادة النظر في استراتجاياتها لتدجين الشعب وسوقه إلى مخططاتها، فقد بات هذا الشعب أكثر من أي وقت مضى واع بما يجري حوله جاهز للدفاع عن مصالحه، عارف بأنجع الطرق الموصلة، ولن يقبل بعد اليوم الذهاب في غير ما يخدم الصالح العام ويجلب النفع للجميع ويقود إلى حياة ملؤها الحرية والعدل والكرامة.


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2016-03-17 03:50:00
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article13517.html