تعيش مدينة كيفة منذ نشأتها تقريبا مشكلة بنيوية تتعلق بالمياه الصالحة للشرب وقد تفاقمت هذه المشكلة أكثر مع نزوح أعداد كبيرة من سكان الريف إلي المدينة بسبب الجفاف أو ضرورة تدريس الأبناء ، مما شكل مصدر انزعاج وسخط دائمين للسكان علي السلطات ،وقد بلغت معضلة العطش ذروتها في السنوات القليلة الماضية في أوقات الحر مما حمل المواطنين علي تنظيم احتجاجات أمام السلطات طلبا للماء، بل تجاوز الأمر إلي حد استقبال رئيس الجمهورية ابان زيارته الأخيرة من قبل عدد من المواطنين يرفعون قنينات ماء فارغة ويصرخون في وجهه مرددين "نريد الماء"!
قد خلقت هذه الظروف بيئة مناسبة لعدد من التشكيلات السياسية المعارضة من أجل ركوب موجة السخط هذه ،فأنبري بعضها شفقة ورحمة –كما يدعي - بعطاش المدينة إلي تسيير صهاريج "سقاية" في بعض أحيائها حتي ينالوا تعاطفها -حسب ادعاء آخرين- ، كما نجحت تشكيلات أخري في حشد الجماهير الغفيرة لمهرجاناتها تحت شعار "نريد الماء".
واليوم ومع اعلان وزير المياه ابراهيم ولد امبارك عن انطلاق مشروع ربط شبكة مياه كيفه بالآبار الموجودة في بلدة "نكط " -والتي تكفي لسد حاجة المدينة من المياه ذات الجودة العالية لمدة عقد من الزمن علي الأقل - ساعات قليلة قبل انطلاق مهرجان المنتدي فيمكن القول أن الوزير قد نجح في سحب أكبر الأوراق الرابحة من يد المعارضة وقطعه لوتر كان سيتمايل علي عزفه كل سكان المدينة.
ويبقي للمعارضة فقط إقناع المواطنين بدعوي أن صراخها برفع مشاكل المواطنين هو ما حمل السلطات علي السرعة في مباشرة حلها ، في وجه ادعاء آخر للسلطات بأنها فخورة بتلبية المطالب التي يسمعها الشعب من الشارع أو من فوق المنصات.