يا فاطمة‬: اصبري وسامحي
وكالة كيفة للأنباء

في هذه القرية الصغيرة (فرع الكتان) الواقعة على هذا التل المرتفع، والتى تبعد نفس المسافة تقريبا من حاسي آتيله ومن آمرج (١٥ كلم)، رأت فاطمة النور. وأكثر ارتباط ساكنة الفرع بمدينة آمرج حيث يأتون لشراء حوائجهم من السوق، ويشاركون في سوق الاحد الاسبوعي. في جوانب هذه الربوة إلى الاسفل يمتد هذا الوادي، يشتغل غالبية فرع الكتان في الزراعة الموسمية. وفيما بقي من فصول السنة، لا شغل لهؤلاء، الا في اكل ما ادخروا من ميرتهم في الحصاد الموسمي. يمر الصيف والشتاء على فرع الكتان بأظاليل من الملل والنكد والغصب والنصب. في كل هذا الوقت، لا زوار ولا متفقدين ولا مفتشين، هؤلاء البسطاء في مساكنهم، وقد تركوا لحالهم! هذه الرياح اللافحة تسوم هذه الاوجه المعفرة ترابا وغرابا، وهم في ديارهم صابرين، قانعين، لا يسالون ولا يتالمون ولا يشتكون.ورغم الفاقة والضاقة، فقلوب اهالي فرع الكتان بيضاء نقية كالثلج من أي ضغينة أو موجدة لاخوتهم من حولهم، ولهذا البلد الذي عليه أن يصلهم ويمد يد العون لهم، فيتفقدهم ويرعى حالهم، ولا يتركهم نسيانا واهمالا.

في هذه القرية—الربوة تربت فاطمة.. اخذت بمعية اخوتها واخواتها في رعاية الحقل،فكان شغلها في كل هذه السنين في اصلاح الحقل وتهيئته وإصلاحه واستنباته ورعايته وحتى حصاده. تعلمت فاطمة أن تغرس الزرع (الحب)، ان تصبر حتى خروجه، أن تقلم العشب (الكج)، أن تعيد تقليم العشب (اتنكر)، أن تطارد الطير ( انزيك)، أن تصبر على شجع الطامعين وإلحاح السائلين في يوم الحصاد، تعلمت فاطمة ان تعطي في يوم الحصاد كل ما حصدت وقطفت لكل هؤلاء الحاضرين الذين لا تراهم الا في مثل هذا اليوم من العام. تعلمت فاطمة أن تعطي من عرق جبينها، من تعبها، ومن حقلها، ولا تسال عن السائل! لبثت فاطمة في هذا كل سنواتها الخمسين، وفجأة، ما عاد بإمكان فاطمة أن تعمل شيئا. أحست فاطمة قبل سنتين بوجع في الثدي. راجعت الوحدة الصحية في امرج، فصرفت لها بعض الدواء. نصحها القائمون ان تجري فحوصا أكثر في العاصمة ..رجعت فاطمة إلى مسكنها في فرع الكتان، وحسبت الامر هينا. لقد تعافت بعض الشيء من الالم، فنسيت أن تجري الفحوص..

فجأة، ازداد الوجع، فتوجهت فاطمة إلى المشفي الجهوي في النعمة..في الفحص الذي اجري هناك، اشتبه الاطباء في كونها مصابة بسرطان الثدي.. لم يراع الذين اوصلوا الخبر الى فاطمة مشاعرها وهواجسها وضعفها. لقد تبلغت بالامر بشكل فج وسمج.. لقد فهمت من محاوريها *الاطباء* أن الامر يتطلب استئصال الثدي فراعها الامر، وفضلت الرجوع إلى مسكنها وتجربة الطب البديل ( الحجاب..)..

مالبثت فاطمة غير قليل حتى احست بوجع اشد في الثدي. ليس لفاطمة بنت، لها ابنان، وزوج ضرير مقعد. رافقها ابناها الاثنان الى العاصمة، بقي احدهم معها ورجع الثاني لرعاية الاب في القرية. هنا، اجريت الفحوص من جديد، لقد تأكدت اصابتها بسرطان الثدي..انها ليست في مراحل نهائية، لكن تأخرت قليلا عن الاخذ بالعلاج. وفي مركز الانكولولوجيا صرفوا سبع حقن حتى الآن من اصل ثمانية، يفصل بين الحقنة والاخري فترة ٢١ يوما ..ويقولون إن هذا يساعد في عزل الخلايا السرطانية ومحاصرتها في مكان واحد تمهيدا لاستئصالها! ولكن أين السبيل إلى هذا!

لقد قيض الله الخير لفاطمة.لقد سمع الله أناة وانين فاطمة..لقد علم الله حاجة فاطمة، فارسل جنودا من عباده ليكونوا عونا وغوثا ويدا لفاطمة..احس هذا العصامي بامر فاطمة(الشيخ الراجل عاليون)، فقام من يومه وساعته، فنادي في الناس أن اقبلوا الى غوث الذين لا غياث لهم واسعاف من لا مسعف لهم. واستجاب الناس، كثيرا منهم..فمدوا أيدي المساعدة...لقد بذل الخيرون كثيرا من مالهم...عسى الله ان يجازيهم اضعافا على احسانهم وبذلهم...

وواصل الشيخ سعيه وبره. إن فاطمة تحتاج إلى علاج خارج موريتانيا، فأين لنا بهذا! لقد سمع هذا الخير (ممود ولد السيد ولد الناج المقيم في الديار الانكولية) بهذه الحالة الانسانية فأمر بان تعد خطة تكاليف لعلاج فاطمة. لقد اعدها الشيخ وسلمها إلى الممثل المحلي، فتكلف هذا المحمود بالمصاريف كلها..ستنقل فاطمة في ايام معدودات إلى العاصمة السينغالية داكار لمتابعة العلاج.. لقد تسلمت جمعية *بسمة وأمل* بالفعل مبلغ مليون أوقية من (ممود) وقد كلفها بتولي ملف فاطمة.سيصرف المليون في التكاليف الاولية من فحوص ونقل وعلاج.. وفي دكار سيكون احد ممثلى الجمعية في استقبال فاطمة، وسيقوم بمرافقتها والوقوف على علاجها ودوائها ( وكل التكاليف الاخري الزائدة من مسكن وغذاء واقامة) وكل هذه الفاتورة سيدفعها اخونا من ماله الخاص.

يافاطمة، إن وجعك وألمك ووحدتك والله لينزل الشفقة والرحمة في كل ذي قلب أو روح أو نفس..الحمد لله أن قد انزل الله الشفقة والعطاء والبذل في قلوب البعض، وحببه اليهم، فكانوا خير سند وخير مغيث في احلك ظرف وألهف ضرورة .


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2016-01-25 16:12:02
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article13058.html