أقدمت وزارة التهذيب هذه السنة على خطوة تمتاز بالارتجال والغرابة؛وتدلّ على ضحالة الخبرة والكفاءة؛ فقد قامت بضم مدارس إلى مدارس أخرى مكتظة ؛ وشطبت على مدارس؛ بعضها كان مكريا من طرف الدولة؛ وبعضها الآخر كان الأهالي يدفعون أجاره ؛ بدعوى قلّة التلاميذ؛ وعجز الوزارة عن توفير قطع أرضية؛ لمن عنده مقومات قانونية للمدرسة الابتدائية؛وأوّلها وفرة التلاميذ.
هذا الإجراء أثار موجة من الاستغراب؛ لوهن حججه؛و قوّة آراء مناهضيه.
فدعوى قلّة التلاميذ الذي اتخذته الوزارة مطية لغلق المدارس ؛يعصف في ذهنك زوبعة من التساؤل عن ضابط الكمّ؛الذي على أساسه يتمّ نسف أيّ ترخيص؛ وهنا ننبّه إلى أنّ القانون تكفّل بحسم الجواب ؛ حيث جعل النصاب القانوني لكلّ فصل هو ثلاثون تلميذا ؛ مما يعني أنّ كلّ مدرسة تضم مائة وثمانين تلميذا؛تمتلك من النصاب القانوني ما يحمي رخصتها من المصادرة.
ويؤكد روح هذا القانون ؛ تدشين رئيس الدولة لمدرسة الامتياز في تفرغ زينه ؛ التي لا يتجاوز عدد تلاميذها مائة وثمانون؛ مما يعني أنّ وزارة التهذيب أخطأت في غلق مدرسة (صونادير) على سبيل المثال ؛ التي تحتوي ثلاث مائة تلميذ أو يزيد؛ فإن لم تكن الوزارة أخطأت؛ فالرئيس أخطأ؛وخالف القانون بإشرافه على افتتاح مدرسة لا تمتلك النصاب القانوني في بلدية تفرغ زينه؛ وهذا احتمال مستبعد.
المبرر الثاني عند الوزارة في غلق أبواب بعض المدارس ؛هو عدم وجود قطع أرضية ؛ وإذا كان المخطط العمراني لمدينة كيفه موجود؛ وساحاتها العمومية محددة ومعروفه ؛ والعائق أمامها فقط أمر إداري بإخلائها ؛ فلماذا لا تقوم هذه السلطات بتحرير جزئي لبعض ساحاتها داخل مدينة كيفه؛ لأنّ الضرورة دعت إليه؛ والحاجة العمرانية ألحّت عليه؛فإن لم يكن هذا؛ فما الفائدة من مخطط نسجت العنكبوت عليه؛ وتراكم الغبار فوقه داخل رفوف الولاية.
نحيّي عمدة بلدية تفرغ زينه؛ التي استطاعت أن تنتزع من وزارة التهذيب مدرسة امتياز بين أبناءها الأثرياء؛ونبارك لها في ( رئيس الفقراء) الذي دشّن إنجازها.
أمّا مدينة كيفه مدينة الفقراء فلا عزاء لها من بلديتها؛ولا من رئيسها (رئيس الفقراء)؛ وإن كانت تستصرخهما؛ وتستنصرهما ؛ وتستغيثهما؛ فأبناءها يتكدسون داخل قاعات ضيقة؛ تصل درجة حرارتها أحيانا ثمان وأربعون درجة ؛ ويحشرون في مدارس مكتظة؛وجاء قرار وزارة التهذيب ليزيد من حجم جحيمهم.
إنّ غياب المنتخبين وخاصة بلدية كيفه عن مواكبة الشأن العام للبلدية ؛وإحجامهم عن استفتاح السلطات المعنية بهموم الناس ومشاغلها داخل بلديتهم؛ والتنصل من علاج مشاكلها ؛ ساهم بكثير في تهاون الإدارة وخمولها ؛ التي غالبا ما ترى الخمول نعمة؛ فهي تتملص دائما من مسؤولياتها؛ وتلقيها دائما على كاهل هؤلاء المنتخبين؛ وتتبجح باستعدادها التام لأيّ طارئ؛لكنّها تتذرّع بتراخي وخمول المنتخبين؛ وخاصة بلدية كيفه؛عن إبداء معانات مواطنيها؛ والسعي في اسماع أنّاتهم.
إنّ نائب تواصل والوئام عليهما أن يصلا رحمهما ؛ باستفسار وزارة التهذيب على قرارها الطائش.
أما نائب الاتحاد فهذه فرصة ثمينة ؛ تغني عن (صاروخ كوبني ) يوم الاقتراع؛إن طالب بتجميد قرار الوزارة ؛ وعمل على خلق ساحات عمومية لبعث ما تمّ دفنه من مدارس في القديمة وصونادير والسيف وأهلنت.
غالي بن الصغير