المتتبع اليوم لما تشهد الساحة الوطنية من أحداث متلاحقة يلاحظ أن القيم الأخلاقية التي كانت وإلى وقت قريب المميز الوحيد لأهل هذه الأرض، بدأت تضمحل في ظل حكم الجنرال وبدأ ذلك الداء العضال يتسرب من أعلى الهرم، وهي مفارقة غريبة قل أن تجدها إلا في أشكال هذا النظام المتهالك من الأنظمة الشمولية التي يضع فيها الزعيم كل شيء تحت قبضته وتظل الطغمة المحيطة به أشبه ما تكون بدمى يحركها زعيم العصابة على هواه مكتفية بقليل فُتاتٍ يرميه لهم ديناصور العصابة الحاكمة .
والفرضية الطبيعية هي أن يكون رأس النظام هو من يمنع وقوع مثل هذه الفضائح المزلزلة ، ويعاقب مرتكبيها أشد عقاب ، حتى لايكون من المتهمين بالتواطئ عليها .
فضائح نظام الجنرال "أبوبدر" كثيرة لايمكن حصرها تتعدد بتعدد المجالات وتتوسع حسب فكر "الجنرال القاصر" ، وعقلية "مدير ديوانه الفاشل ، " لتستحوذ على كل شبر في هذه البلاد المختطَفة ، دون أن تجد من ينكرها حتى ولو بقلبه وذلك أضعف الإيمان.
من الطبيعي أن تتفاوت الأمور لا أن تأتي تباعا مثل ما يحدث في زمن الجنرال الذي يطالعنا كل يوم بفضيحة أكبر من سابقتها دون أن يحرك ساكنا!! وحتى لا يألف النظام المتهالك أن يعيش بقية أيامه في ظل فضائح واضحة تسول له نفسه أن الشعب الموريتاني لن يعاقب مرتكبيها ، رأيت أنه من الواجب أن يطلع الرأي العام على قليل من هذه الفضائح التي لو كان مرتكبوها يتمتعون بذرة من أخلاق لقدموا أنفسهم لمحاكم الشعوب وطالبوا بأن يعدموا على أسوار الملعب الأولمبي أو ينفوا من الأرض لشدة ما ارتكبوا من جرم وعظيم ما فعلوا من ذنب .
أيادي الجنرال وأفكار أعوانه الشيطانية لم يسلم منها شيئ في العاصمة وخارجها وفي كل مكان من هذه البلاد لا بل وتجاوزت الحدود لتعبر نحو الجيران فمزقت دولة مالي المجاورة وتدخلت في شؤون السينغال وحاولت التدخل في ليبيا وفي ساحل العاج وفي السند وفي الهند مما أصاب دبلوماسيتنا بشلل مكشوف ، بدا جليا في إختيار اعضاء مجلس الأمن غير الدائمين وأصاب جيشنا بشلل أقوى وما إختطاف " أعل ولد المختار" في وضح النهار وإطلاق سراحه مقابل المقايضة المعروفة إلا خير دليل على ذلك.
وبعد الفشل الأمني والدبلوماسي تجود الملكية الفكرية للجنرال بأفكار أخرى- لا أظن أن المعارضة الديمقراطية " ستسرقها - ومنها أنه قال في خلوة من خلواته على طريق أكجوجت لاعاصم لكم اليوم إلا بيرام وأصحابه عليكم بهم !!
ليسقط القناع وتتضح اللعبة ويقترب الخلاص في تشابه واضح بين مصارع الطغاة وتهاوي الإستبداد !! وتبدأ سلسلة الفضائح الحارقة المخلصة.
القديسين والرياض :
وهي قصة غريبة إلى أبعد الحدود يأتي المناضل الحقوقي بيرام ولد أعبيدي من إيطاليا ويصلي صلاة جمعة خاصة به أمام كامرات التلفزة التي لاتنقل من صلوات الجمعة إلا صلاة المسجد السعودي بعد ساعتين من إنتهائها !
وبعد أن ينتهي من الصلاة يقدم رفقة نفر من مناصريه على إحراق بعض الكتب الفقهية في وضح النهار وأمام كاميرات التلفزة وبعد تفاعل القضية بيومين وإخراج الناس إلى الشوارع رغبة أورهبة ومحاولة إلحاق التهم بالمعارضة والتركيز في الفيديو الذي بثته تلفزة "عزيز " على أن الفعل المدان تم القيام به من أجل المساهمة في رحيل النظام أمور أظهرت النظام على حقيقته الماكرة وعدوانيته من أجل البقاء حيث لايعقل أن يتم القيام بهذه الفعلة الشنيعة دون علم مخابرات النظام وجواسيسه الذين لايسلم منهم أحد في حله ولاترحاله !
و وجه الشبه بين محرقة الرياض وتفجير كنيسة القديسين في مصر بعد أن إشتد الخناق على مبارك ووزير داخليته واضح وجلي وتوقيت المحرقة مريب _ قبل إعتصام المعارضة بأيام _ تلك فضيحة من فضائح النظام التي حاول إستهلاكها على هواه لكن حكمة الشعب الموريتاني وذكائه وتجاوزه للعقليات المنتهية جعلته يتجاوز الصدمة ويعبر جميعا عن تعلقه بمذهبه وكتبه وتاريخه تعلقا حقيقيا بعيدا عن الإستهالك السياسي المقيت الذي أراد الجنرال من خلال خرجته الأولى على الطريقة القذافية أو الثانية على طريقة عالي صالح .
فضيحة الديوان . . وسكوت القبطان :
وتتوالى الفضائح مبشرة بزوال هذا النظام وتظهر الحقيقة التي طال ما قالها الطلاب في جامعتهم اليتيمة وهي أن سبب البلاء الذي تعيشه الجامعة هو أيادي مدير ديوان الرئيس " ايسلك ولد أحمد يزيد بيه " وأن تغاضي الرئيس أو مباركته لخطط مدير ديوانه حول تعكير أجواء الجامعة بدءا بخلق صراع بين الطلاب العروبيين والزنوج وبين الطلاب المحسوبين على التيار الإسلامي والزنوج ومحاولة تزوير الإنتخابات الجامعية وتحويل الجامعة إلى ثكنة عسكرية تدار من وزارة الداخلية وتديرها مجموعة من مفوضي الشرطة على رأسهم عميد كلية الآداب وهلم جرا.. من عمداء وأمناء عامون ومدير ديوان كل همه هو زرع القلاقل وافتعال المشاكل داخل الحرم الجامعي قبل أن يواصل المناضلون حقا نضالهم ويكشف المناضل البطل "الطالب المين ولد حمادي " حقيقة ديوان الرئيس ومديره الذي تحول إلى وكر من أوكار الخبث والإحتيال .
غريب جدا أن يتحول ديوان رئيس الجمهورية من ديوان للرئاسة إلى مثير للبلابل والقلاقل والأغرب أن يسكت رب البيت !!ومعلوم عندنا أن السكوت علامة الرضى في أمور الزواج والمعاشرة أحرى في أمور السياسة والحكم كان على الجنرال الشعبوي المعروف بالإستهلاك أن يستهلك قضية مدير ديوانه ويقدم على إقالته ومحاكمته وسجنه سنة وينهي القضية ويظهر بمظهر الحريص على الجامعة وطلابها لكن أن يسكت على الجريمة النكراء في حق شريحة مهمة من شرائح المجتمع ويبقى مدير الديوان يصول ويجول في القصردون أدنى توبيخ ، ولو كان صاحب هذا الفعل في في إحدى دول أوربا –الكافرة العادلة- لتمت إقالته ومحاكمته لكن أن يترك في أرض المنارة والرباط دون أدنى عقاب إنها لفضيحة ما بعدها فضيحة نسأل الله السلامة والعافية .
القاعدة والموت السريع :
شبح القاعدة المحدق والمحيط بينا من كل جانب أصبح يزيده الجنرال محمد ولد مكت خطورة والذي بات كل هدفه هو تجنيد الشباب المحتاج في صفوف القاعدة مقابل قليل من المال وحياة شخص بين أيدي عفاريت قد يجهزون عليه في لحظة ما ، و مالفضيحة الأخيرة التي كشف عنها الكثير من المواقع الإلكترونية إلا خير دليل في تلاعب واضح بأرواح الشباب وإستغلال فاضح لواقع مزر يعيشه الشباب الموريتاني من قبل جنرالات الفساد خاصة في زمن الجنرال الذي إستحوذ على كل شيئ .
وزارة التهذيب لم تسلم :
هي الفضائح تترى والأقنعة تتساقط عن الأوجه الشاحبة لسدنة هذا النظام ومطبليه ، وهذه المرة في وزارة التهذيب التي علَّمنا بعض أفرادها قبل سنوات من الآن وأصموا آذننا بتلك القولة الجميلة الفارغة المضمون " نحن وزارة للتهذيب قبل أن نكون للتعليم " هذا التهذيب الذي يبدوا أنه لم يتسرب منه القليل إلى رأس الوزارة " ولد باهية " الذي طلع علينا اليوم بفضيحة نشهد الله أننا ننكرها ونتبرأ إلى الله منها تلاعب واضح ببعض الفواتير-أكرمكم الله- وشراء أوراق الإمتحانات !!
لو لم يسكت الرئيس عن فضيحة مدير ديوانه لما تجرأ الوزير على التلاعب بفواتير وزارة التعليم ولو لم يشرف محمد ولد عبد العزيز بنفسه على أكبر عمليات " السمسرة " في البلد من خلال كثير من ألشرائك الوهمية والأسهم البنكية التي لاوجود لها وشركات الحفر والتنقيب وشركات نهب الأرض والسماء وما بينهما .
الإشكال في هذه المرحلة أننا نعيش في ظل دولة أشبه ماتكون بحانوت لا يثق مسيره في من سواه ويدفع رواتب قليلة لعماله على حد تعبير النائب السالك ولد سيدي محمود لاشك أن هذه الوضعية المزرية وهذا الضغط المستشري أدى إلى إنفجار في سوء الأخلاق تجلى في هذه الفضائح التي باتت منتشرة إلى حد غريب .
على النخبة الموريتانية وعلى الشباب الموريتاني الطامح للحرية أن يستعد في المرحلة القادمة لمعركة طويلة الأمد عنوانها " إعادة القيم " التي إفتقدها الوطن إبان السنوات العجاف في ظل حكم هذا الجنرال المتهالك وأن يستعد لإلقاء القبض على لصوص الدولة هؤلاء ، وخفافيش الظلام المتمترسة خلف شرعية مزيفة لامعنى لها.
هي ثنائية هذه الفترة بين فضائح النظام ونظام الفضائح الذي آن أن يذهب إلى مزبلة التاريخ حيث مكانه الحقيقي مع القذافي وعلي صالح ومبارك وبن عالي وساء أولائك رفيقا.