في ظل الضبابية السياسية والحراك المتصاعد بين الطيف السياسي في البلد، يقوم الحزب "الحاكم" بإيفاد بعثات إلى داخل البلاد، لإمتصاص التفاقم الناجم عن ذلك الحراك، ففوجئت بعثاته بخلافات شتى بين قواعد الحزب في عموم التراب الوطني، يرى بعض المراقبين انها تهدد الوحدة الداخلية لهذا الحزب "الحاكم"
ورغم ذلك لم تنجو أيا من بعثاته من سماع شتائم بين مناضليه أمامه، فحتى النساء كدن يشتبكن بالأبيدي في اللقاءات الحزبية، وتغيبت مجموعات عن اجتماعات، لأنها انعقدت في أماكن تابعة لخصومها.
وطبقا للمعلومات المتوفرة لدى صحيفة "ميادين"، فإنه حدثت يوم أمس ازمة في مقاطعة مقامه بولاية غورغول، والتي تتميز بأنها المقاطعة الوحيدة في الولاية، والتي لم يتم فيها تنصيب الهيئات الحزبية. فقد قاطعت مجموعة القائد السابق للحرس صوكو آلاسان، والتي تضم با عبد الفتاح، والنائب محمد عبد الله ولد كلاي، مهمة البعثة الحزبية، مفضلة تولي ضيافة الوفد دون حضور أشخاصها، حيث كلفت الناشط بها جوب الإطار بالبنك المركزي الموريتاني بتولي تلك المسؤولية، فيما إقتصر حضور الإجتماع الحزبي أمس على مجموعة رئيس مجلس الشيوخ با امباري وهي منقسمة على نفسها، حيث حضر جالو آبو موسى الوزير السابق، والذي انعقد الإجتماع في منزله، والمنافس داخل المجموعة من طرف جالو داوودا، فوقع خصام بين المجموعتين بحضور البعثة الحزبية، التي يرأسها وزير المالية تيام دامبار وتضم آخرين. وكانت البعثة الحزبية قد فوجئت في كيهيدي بطرح مشاكل من أبرزها مشكل علف الحيوانات في نفس المدينة.
وعلى مستوى ولاية اترارزة، وقع يوم الخميس تلاسن ومشاداة قوية بين مجموعتي النائب ولد متالي والعضو في مجلس الشيوخ محسن ولد الحاج، كادت تتطور لعراك بالأبيدي امام البعثة التي يرأسه محمد الإمام ولد ابنه.
وعلى مستوى ولاية آدرار، ظهر حتى الساعة الخلاف في محطة أطار بين بعض اعيان الولاية، والذين بدؤوا يتنافسون في كسب ود البعثة الحزبية، من خلال عقد سلسلة مأدبات للبعثة الحزبية، التي يرأسها الوزير السابق الدكتور الشيخ المختار ولد حرمه ولد بابانا، وتضم إلى جانبه وزير التعليم الأساسي حامد حموني وآخرين.
وعلى مستوى ولاية الحوض الشرقي فشلت البعثة الحزبية في عقد اجتماع حاشد في مدينة النعمة عاصمة الولاية، والذي لم يصل حضوره إلى مائتي شخص، وسط تغيب لبعض المنتخبين والوجهاء دون تقديم مبرر لذلك التغيب، في وقت يجري الحديث عن خلافات داخل البيت الحزبي في مقاطعتي آمرج وتمبدغة، فيما يعبر سكان جكني عن رفضهم لسياسات الحزب والحكومة، والتي يرون أنها لم تحقق لهم أي شيء ملموس، فتظاهروا في نواكشوط وحاصروا المباني الإدارية بالمقاطعة، أملا في حل مشاكل يرون انها مستعصية الحل.
وعلى مستوى ولاية لعصابة رفض الأمين الاتحادي حضور أول اجتماع انعقد في مقر قسم الحزب بمدينة كيفة، نظرا لخلافاته مع سيدي محمد ولد محمد الراظي، ولما انعقد الإجتماع في مقر الإتحادية قاطعته مجموعة ولد محمد الراظي، وبرزت الخلافات اعمق في مقاطعة كنكوصة بين مجموعة السفير كابه ولد اعليوه وسيدي محمد ولد محمد الراظي.
وعلى مستوى ولاية إنشيري برز الخلاف بين الامين الاتحادي محمد ولد عابدين مع مجموعة من اطر الحزب، حيث عبر الفدرالي في لقاءات حزبية عن انتقادات لشركات المقاولة، والتي تدار من طرف خصومه.
وعلى مستوى ولاية داخلت نواذيبو، برزت الخلافات بين ما يسمى بمجموعة الوافدين ومجموعة السكان الأصليين، ولم تستطع البعثة التي يرأسها الوزير يحيى ولد حدمين السيطرة على الأمور في هذه العاصمة الإقتصادية للبلد.
وفي ولاية لبراكنة التي تعتبر الولاية الأكثر حظا بالتعيينات في عهد ولد العزيز والوحيدة التي سمع فيها خلال زيارته ما لم يسمع في منطقة اخرى، تجد البعثة الحزبية نفسها في وضعية لا تحسد عليها، فالبعثة تقاد من طرف وزيرة الشباب والرياضة سيسه بنت بيده، وفوجئت بأن هذه الولاية تتعالى فيها اصوات معارضة النظام والإستياء من ادائه وصراعات داخل صفوفه.
ففي مقاطعة مقطع لحجار، تظاهر الشباب خلال الزيارة الرئاسية، طلبا للماء في مقاطعة هي الوحيدة من بين مقاطعات الولاية، لا تحظى بتعيين إطار من اطرها لإدارة مؤسسة حكومية، خلافا لمدينة الاك التي منها مدير ديوان الوزير الأول علي ولد عيسى ومدير شركة "سنيم" محمد عبد الله ولد أوداعه ومدير ميناء نواذيبو الشيخ عبد الله ولد احويبيب، واللواء محمد ولد مكتب مدير مكتب الدراسات BED، ورغم ذلك فإن ألاك لا وجود معتبر للحزب الحاكم وبيته الداخلي ممزق، ففي مال هناك الخلاف بين ولد عيسى والمدير السابق للميزانية زيني ولد أحمد الهادي، ذلك الخلاف المتصاعد بين الرجلين. وهناك محاولة ولد أوداعه فرض نفسه على الواجهة في ألاك، وسط رفض من طرف مجموعات اخرى، وفي بوغي حيث ينحدر ثلاثة جنرالات: فيلكس نكري قائد الحرس، انجاكا جينغ قائد الدرك واديا آداما قائد الأمن الرئاسي والأمين العام لوزارة الداخلية محمد الهادي ماسينا، فإن القواعد الحزبية هناك ضعيفة وتشهد غليان داخلي، رفضا منها لسيطرة وجوه يرون أنه كان من الضروري تجاوزها، لأن الأحداث تجاوزتها، وسط سيطرة حزب اتحاد قوى التقدم على الساحة المحلية في بوغي، وعجز الجنرالات عن إعادة الأمور لمجاريها الطبيعية.
وعلى مستوى مقاطعة بابابي يجد العمدة با عبد الله نفسه في مواجهة واحتجاجات مجموعات "البيظان"، والذين يحملونه مسؤولية إبعادهم من لقاءات رئيس الجمهورية خلال زيارته الأخيرة للولاية، وماتزال المدينة تشهد تبعات ذلك الإبعاد.
وعلى مستوى ولاية الحوض الغربي، تحاول بعثة الحزب الحاكم برئاسة الأمين التنفيذي النائب / محمد الأمين ولد الشيخ، وعضوية آخرين من بينهم وزير المياه محمد الأمين ولد آبي، حل المشاكل المطروحة من طرف القواعد الحزبية الممزقة، والتي طرحت مشاكل الماء وعلف الحيوانات والعزلة عن بعض المناطق.
إنها نماذج من هنا وهناك عن خلافات داخل الحزب "الحاكم"، لا تخلو العاصمة نواكشوط منها، ويأخذ البعض على هذا الحزب، كونه أوفد أعضاء في الحكومة ومسؤولين آخرين في مهام، فكان ذلك على حساب العمل الحكومي، كما أن وجود بعض الوزراء كأعضاء في بعثات يرأسها بعض الموظفين العاديين، كان فيه نوع من المس من قيمة أولئك الوزراء، خصوصا وزراء السيادة، الذين أقحمهم الحزب "الحاكم" في حملته التحسيسية، والتي كانت حملة على المعارضة والتشهير بها، أكثر من حملة تضميد الجراح داخل صفوفه وبناء بيته الداخلي بناءا قويا لمواجهة الخصوم.
بعثات الحزب تقوم بزيارات مجاملة للسلطات الإدارية قبل القيام بأية خطوة في إطار زيارتها للولايات المزورة، وتتم غالبا تلك الزيارات بطريقة تحرج السلطات الإدارية، التي تجد نفسها مرغمة على التجاوب مع تلك الزيارات.
ميادين